مجد خلف تكتب: من أجل قطة!! - مجد خلف - أقلام مضيئة - جريدة أحرار مصر

رئيسية جريدة أحرار مصر » قسم : أقلام مضيئة » فئة : مجد خلف

مجد خلف تكتب: من أجل قطة!!

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (دخلت امرأة النار فى هرة حبستها، فلا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض)، إذن فهذه المرأة دخلت النار لأنها حبست قطة يا الله.. قطة!!

فما بالنا بمن يحبس عشرات الآلاف من المفكرين والمعارضين من بنى جلدته ويلقى بهم فى غياهب السجون، ولنتخيل ما هو شكل النار التى سيدخلها المسئولون عن تجويع وإفقار الملايين من الناس، أو النار التى سيدخلها المسئولون عن غرق الآلاف من ركاب عبارات نقل المواشى؛ أو قتل العديد من أبناء شعبهم بدم بارد دفاعا عن سلطانهم؛ إذا ما قورنت بالنار التى دخلتها المرأة فى قطة حبستها.

القاعدة الأساسية هى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، والمسئولية هنا هى مسئولية الحساب يوم القيامة، قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ)- الصافات 24، سيُسأل كل إنسان عن كل ما كان مسئولا عنه، وعن كل من كان مسئولاً عنهم، وواضح أن المسئول الأول يوم القيامة هو المسئول الأول فى الدنيا، وهو الحاكم فهو مسئول عن رعيته الذين حكمهم، سواء كان حكمه لهم بالحديد والنار، أو بالحرير والماء؛ فهو حاكمهم وهو مسئول عنهم، وليس أدل على عظم مسئولية الحاكم من أن العادل من الحكام يكون أحد سبعة ممن يظلهم الله بظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل.

وعود إلى المرأة التى دخلت النار فى قطة حبستها، فكيف يكون شكل النار التى سيدخلها من تسببوا فى غرق العائدين من سنوات الكفاح على عبارات الموت؟ كيف سيكون سؤالهم إذا عُرض عليهم ضحاياهم وأسماك القرش تفترسهم؟ كيف هو شكل النار التى سيدخلونها؟

وكيف يكون شكل النار التى سيدخلها سارقو الأراضى والمتاجرون فى أقوات الناس ومآسيهم ومصائبهم ويتسببون فى إفقارهم وتجويعهم، بينما هم يكنزون ثرواتهم ويملأون خزائنهم من قوت الضعفاء المغبونين؟ وكيف يكون شكل النار التى سيدخلها من نهبوا أموال البنوك وهربوها إلى الخارج، وأثرَوا بالسرقة والنهب هم وذرياتهم أجيالا وأجيال؟ وكيف يكون شكل النار التى سيدخلها من سرطنوا الخضراوات والفواكه والطعام بمبيداتهم المسرطنة بينما يقبعون فى قلاعهم وقصورهم؛ هانئين ينعمون بملذات الحياة دون أدنى إحساس بالإثم وهم يظنون أنهم يهربون من الموت؟ وكيف يكون شكل النار التى سيدخلها المسئولون عن الزيادة المطردة فى أعداد أطفال الشوارع والمشردين ومن لا يملكون مسكنا يؤويهم من حر الصيف أو برد الشتاء؟ وكيف سيكون شكل النار التى سيدخلها المسئولون عن حصار أهل غزة منذ أكثر من خمس سنوات، وكيف سيكون شكل النار التى سيدخلها الملوثون لماء النيل، المدمرون لتربة الوادى الذى كان خصبا، أو النار التى سيدخلها آكلو حقوق الناس بالباطل، وطباخو القوانين، ومزورو الانتخابات، أو النار التى سيدخلها الخونة والعملاء الذين يسلمون للأعداء أرض الوطن ويبيعون بأبخس سعر أملاكه وأقدس مقتنياته؟ وكيف سيكون شكل النار التى سيدخلها جيل العمولات والخيانات والِرشى والسمسرة؟

فإذا كانت المرأة التى ورد ذكرها فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت النار لأنها حبست قطة، فكيف يكون شكل النار التى سيدخلها من يذبح شعبا؟ ويسرق بلدا ويقتل أبناءه ويسجن شبابه ومفكريه ومعارضيه دون وجه حق سوى دفاع عن منصبه وكرسى السلطة؟ لا شك أنها ستكون نارا مختلفة عن نار المرأة التى حبست القطة؛ أشد سعيرا ولهيبا ولظى؛ يذوق فيها الظالمون عذابا لا يعذبه أحد من العالمين ولا خطر على بال مسئول من البشر أجمعين، قال تعالى: ( كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى َتدْعُو مَن أَدْبَرَ وَتَولَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى) المعارج ـ 15 إلى 18 صدق الله العظيم، والله من وراء القصد.