جريدة أحرار مصر

السبت, 2024-05-18, 10:57 PM

أهلاً بك Guest | RSS | التسجيل | دخول

رئيسية جريدة أحرار مصر » قسم : أقلام مضيئة » فئة : مجد خلف [ إضافة مقالة ]

مجد خلف تكتب: أكاذيب .. بالألوان



إعتاد الناس على مر العصور على تسمية الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية، واخترعوا القصص والسير والروايات التي كان الراوي يرويها ويحكيها للناس باعتبار أنها أحداث حقيقية ، ربما تكون بعض أحداث القصة والرواية قد وقعت فعلا، ولكن البعض الآخر لم يقع، فقد كان الرواي يزيد أحداث القصة تشويقا باختراع أحداث لم تقع وهدفه الأوحد جذب انتباه مستمعيه مثل قصص أبو زيد الهلالي وغيرها كثير.. ، وقد يدرك بعض من يستمع، هذه الحقيقة ولكن لا أحد يهتم، وقد أحب الناس قديما الاستماع إلى القصص المطعمة بالوهم واعتادت آذانهم الاستماع إلى الأكاذيب على إعتبار أنها مسلية وتقتل الوقت عند الناس وخاصة أنه لم تكن لديهم آنذاك أجهزة التلفزيون أوالراديو أوالأقمار الصناعية التي تشغل الناس الآن  وتقتل لديهم الوقت وأشياء أخرى .

وقد اخترع بعض الخبثاء للكذب يوما أطلقوا عليه يوم كذبة إبريل، وهذا يعطي إيحاء كاذباً أيضاً أن يوم الأول من إبريل هو اليوم الوحيد الذي يسمح للناس فيه أن يكذبوا، وهذه أكذوبة كبرى فقد أصبحت للأسف الشديد كل أيام السنة أكاذيب، ونجد البعض ممن اعتادوا الكذب يبرر كذبته أنها كذبة بيضاء، منذ متى كان للكذب ألوانا ؟ الكذب هو الكذب، لايوجد كذب أبيض أو أسود أو أخضر !

 وبعض أهل الدين والدنيا يبيحون الكذب فنجد من يقول منهم أن الرجل يستطيع أن يقول لزوجته أحبك وهو في الحقيقة ربما يكن لها الكره للحفاظ على الحياة الزوجية ومنعا من حدوث الشقاق أو الطلاق، هل نسي هؤلاء قول الله عز وجل (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) النساء 35. والآية الكريمة توضح بجلاء كيف يتعامل الرجل مع زوجته دون كذب أو مواربة أو إخفاء أي منهما لمشاعره، والله يعلم ما تخفي الأنفس والصدور، أما القول بأن الكذب يحمي البيوت من الطلاق فهذا إدعاء واهٍ ولا يمت لأوامر الله عز وجل بنبذ الكذب وتركه، قال تعالى: (سيعلمون غدا من هو الكذاب الأشر) القمر الآية 26، يقول المفسرون في تفسير هذه الآية: إن طريقة العرض القرآنية لنبذ الكذب عن طريق نقل قصة غبرت في التاريخ بحكاية تحكى لنا واقعة تعرض على الأنظار يرتقب الناس أحداثها الآن ويرتقبونها في مقبل الزمان، وسيكشف لهم الغد عن الحقيقة، ولن يكونوا بمنجى من وقع هذه الحقيقة، فستكشف عن البلاء المدمر للكذاب الأشر.

الحقيقة أنه لم تعد هناك حقيقة فقد استمرأ معظم الناس الكذب وأباحوه لأنفسهم بدعوى أن كذبهم أبيض، ونجد أن المسئولين اعتادوا الكذب على الناس ولم يعد أحد يهتم بتنبيه الناس إلى أن كلام أي مسئول كذب بل يضاهي تفكير بعض الأزواج في الكذب على زوجاتهم بدعوى عدم خراب البيت أو زوال المنصب، والأزواج والزوجات اعتادوا الكذب على بعضهم البعض بدعوى أنه كذب أبيض، ولما لا ؟ وقد أصبح الإنسان الكاذب يرخص له في الكذب ويصل إلى أعلى الرتب و المراتب والمناصب، أما من يقول الحقيقة ربما يرمى في السجن أو يتهمه الناس بالهبل أو الطيبة الزائدة عن حدها أي عبيط.

كلنا يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المرء يكذب ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا، ولا يزال المرء يصدق ويصدق حتى يكتب عند الله صديقا).

لم يستثني الحديث أحد، فالإنسان الصادق هو من يقول الصدق ولا شيء غير الصدق، والإنسان الكاذب هو من يقول الكذب ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بإمكان الشخص الكذب ليحمي بيته أو منصبه من الوقوع، هذا كذب صراح، حتى حين يمزح الشخص فلا يجوز له أن يكذب، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة صالحة متقدمة في السن جاءت إليه وقالت: يا رسول الله أدع لي أن أدخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم متبسما: لا تدخل الجنة عجوز، فبكت المرأة ولم تدرك أن الرسول يداعبها بقوله ولكنه قول حق لا كذب فيه (حتى وإن كان مزاحا)، وقال صلى الله عليه وسلم أن للعجوز أن نساء الجنة عربا أترابا أي شابات، فلنتأسى برسولنا الكريم قولا وفعلا جدا ومزاحا ولننبذ الكذب ونمحيه من حياتنا، ولنعلم صغارنا على قول الحقيقة ولنحاسبهم على كل صغيرة أو كبيرة قبل أن نحاسب ويحاسبوا بين يدي العزيز الخبير،نعلمهم  أن الحقيقة عكس الكذب، وأن الكذب لا لون له، إن جيلنا قد تعود على تلقي وسرد الأكاذيب، فالأمل ليس فينا بل في أبناءنا فلنبدأ بتصحيح مفهوم الكذب والصدق لديهم، والله من وراء القصد.

Bookmark and Share
الفئة: مجد خلف | أضاف: مجد_خلف (2011-02-28) | E
مشاهده: 353 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]

بحث

قائمة الموقع